[ad_1]
في مشهد دبلوماسي معقد تسوده التوترات الإقليمية، خاصة بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية الشعبية، تبرز حركة مغرب الغد بقيادة الدبلوماسي المخضرم الدكتور مصطفى عزّيز، كفاعل غير رسمي يمارس فن الدبلوماسية الموازية بمهارة لافتة. فعاليتها الأخيرة بفرنسا، التي جمعت نسيجا منسجما من النشطاء والمعارضين السياسيين الجزائريين والصحراويين، ليست مجرد حدث عابر، بل هي نموذج عملي لإعادة تشكيل الحوار وتأطير الرؤى حول مستقبل العلاقات المغاربية في ظل سياسات متباينة، عداء رسمي جزائري مقابل يد مغربية ممدودة باستمرار، لقد شكلت فعالية فرنسا الأخيرة، محطة قدّمت من خلالها حركة مغرب الغد نموذجا متقدما للدبلوماسية الموازية، تمثّل أولا في قدرتها على بناء جسور حوار آمنة وفعّالة خلف الكواليس، جمعت بين نشطاء، معارضين ومناصرين في إطار بعيد عن الرسميات والضجيج الإعلامي، مما يعكس مهارة واضحة في الوصول إلى أطراف مغيّبة عن المسارات التقليدية، هذا الإنجاز لم يكن تحركا عابرا، بل تجسيدًا لدور دبلوماسي موازٍ يعزز من الحضور المغربي غير الرسمي في الساحة الإقليمية والدولية، من جهة أخرى، شكّلت مداخلة الدكتور مصطفى عزيز نقطة محورية في الحدث، إذ ربط بذكاء بين تحركات الحركة ومشروعية الدولة، من خلال إبراز فخره بمواقف المملكة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ما منح الخطاب بُعدا استراتيجيًا يتماشى مع الرؤية الملكية ويستبقها، أما من حيث المضمون، فقد أكدت الحركة عبر هذا الطرح على انسجامها مع السردية الرسمية، مبيّنة أن دورها ليس بديلا عن الدبلوماسية التقليدية، بل امتدادا داعما لها، يعبّر عن وعي متقدم بأهمية دبلوماسية الظل كذراع تكميلي للعمل الدبلوماسي الرسمي… واستحضارا لأهمية التكامل الاستراتيجي مع المرجعيات الوطنية السامية، جاء الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد (29 يوليوز 2024) ليؤسس للحظة استراتيجية ويتقاطع بشكل لافت مع مسار حركة مغرب الغد عبر تأكيد سياسة اليد الممدودة من خلال دعوة جلالته الصريحة والمتكررة لنهج هذه السياسة، ورفض العزلة الجيوسياسية وهو ما يمنح الشرعية والسياق الأوسع لجهود الحركة في بناء جسور التواصل مع المعارضة الجزائرية والصحراوية. فهي ترجمة عملية لهذا التوجه الملكي الثابت، أيضا تأكيد جلالة الملك على أن إشراك ومشاركة الجزائر حكومة وشعبا أضحى ضرورة ملحة لإخراج الاتحاد المغاربي إلى حيز الوجود، حيث يضع الهدف النهائي الذي تعمل الدبلوماسية الموازية على تحقيقه، جهود الحركة مع النشطاء والمعارضين في محاولة لتغيير البيئة السياسية تمهيدا لهذه الشراكة الحتمية، أما النقطة المهمة التي شدد عليها جلالة الملك فتتعلق بتأصيل الأخوة والمصير المشترك، حيث أن حديث الملك عن “أشقاء” يجمعهم اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك ليس مجرد خطاب، بل هو الأساس الإنساني والاستراتيجي الذي تبني عليه حركة مغرب الغد حواراتها، إنه الإطار الجامع الذي يعلو فوق الخلافات السياسية الراهنة…
وبالعودة للحديث عن حركة الظل “مغرب الغد”، يرجح نجاح الدبلوماسية الموازية في جزء كبير منه إلى مجموعة من العوامل المتكاملة، على رأسها التدبير والتسيير المحكم والحكيم الذي جسده الدكتور مصطفى عزيز، الاعلامي والدبلوماسي المخضرم، عرف الرجل بامتلاكه رصيدا كبيرا من الوفاء لثوابت المملكة الشريفة ومعرفة دقيقة بملفات المنطقة، ما أهله لقيادة مسارات معقدة بحنكة واقتدار، كما أن اختيار الوصول والتواصل مع نشطاء ومعارضين ومناصرين من الجزائر، لديهم قابلية للحوار وتأثير محتمل، شكّل حجر الزاوية في فعالية التحرك، وقد جاء التوقيت الاستراتيجي لعقد الفعالية قبيل الخطاب الملكي حول العلاقات المغاربية ليعزز من وقع رسائلها ويبرز تناغمها مع التوجهات الرسمية، هذا النجاح ما كان ليتحقق لولا الوضوح الفكري والالتزام الوطني الذي أبدته الحركة، خاصة في ما يخص ملف الوحدة الترابية، وهو ما رسخ ثقة الدولة في تحركاتها وعزز مصداقيتها لدى الشركاء، أما العنصر الحاسم فتمثل في التكامل غير التصادمي مع الدبلوماسية الرسمية، حيث أدركت الحركة بذكاء أن دورها ليس بديلا بل مساندا، ما أكسبها قبولا واسعا وأضفى على تحركاتها فعالية مضاعفة….
لم تثبت حركة مغرب الغد تحت إشراف الدكتور مصطفى عزيز جدارتها في ممارسة فن الدبلوماسية الموازية فحسب، بل نجحت في تقديم نموذج عملي رائد لكيفية توظيف هذا النمط الدبلوماسي لخدمة الأهداف الاستراتيجية العليا للدولة، ديناميتها وفعاليتها في فرنسا، المقروءة في ضوء الخطاب الملكي التاريخي، تظهر كيف يمكن لدبلوماسية الظل المدروسة والواضحة والموالية للثوابت أن تُحدث شقوقا في جدران العداء، وتُعدّ الأرضية لاستيعاب رسائل السلام والشراكة التي يطلقها القائد الأعلى للدولة المغربية، إنها دبلوماسية لا تتنافى مع الرسمي بل تتعاضد معه، لا تناقض اليد الممدودة بل تبني الجسور التي تمهد لسلامتها، في ظل استمرار الجمود الرسمي، تبرهن هذه الدبلوماسية الموازية على أنها رافعة ضرورية لتحقيق الرؤية الملكية الراسخة، أخوة الشعوب، وشراكة الحكومات، واتحاد مغاربي ينهض من رحم الإرادة المشتركة والمصير الواحد…
[ad_2]
المغربي almaghribi – أخبار المغرب : المصدر


