[ad_1]
في مشهد أثار جدلاً واسعاً داخل قاعة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ظهر العربي المحرشي، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة ونائب رئيس الجهة، كمن يوجه سهاماً لاذعة للصحافة. لكن خلف لغته الصدامية، يرى مراقبون أن الرجل كان يطلق النار على ما هو أعمق: شبكة علاقات غير معلنة تربط الدعم الإعلامي برئيس الجهة عمر مورو، أحد أبرز وجوه حزب التجمع الوطني للأحرار، في سياق سنة انتخابية مفصلية.
وفي تدخله خلال دورة يوليوز 2025، وأمام أنظار والي الجهة يونس التازي، لم يتردد المحرشي في وصف بعض المنابر الإعلامية بـ”المرتزقة”، مطالباً وزارة الداخلية بضرورة محاسبتها، والتشكيك في جدوى استفادتها من المال العام في ظل غياب “الانسجام مع توجهات الجهة“، حسب تعبيره.
لكن خلف هذا الخطاب الهجومي، قرأ عدد من الفاعلين السياسيين الرسالة من زاوية مختلفة: المحرشي لا يهاجم الصحافة بقدر ما يفضح “صفقة الدعم” التي تُتهم الجهة بإبرامها مع مؤسسات إعلامية محلية، بشروط توجّه الخط التحريري نحو حماية صورة رئيس الجهة وحزبه.
فمنذ أشهر، تتحدث مصادر من داخل الوسط الإعلامي المحلي عن تحكم مفرط لرئاسة الجهة في صرف دعم الإعلام، يتم عبر شركة وسيطة، ويُشترط فيه ضمنيًا “التحفظ” في انتقاد التجمع الوطني للأحرار، خاصة على مستوى جهة طنجة.
وتشير نفس المصادر إلى أن هذا الدعم، وإن كان رمزياً من الناحية المالية في حالات عديدة، فقد أصبح وسيلة ضغط ممنهجة، تؤطر علاقة الصحافة بالمجالس المنتخبة ليس على أساس الشراكة، بل على قاعدة الولاء.
مداخلة المحرشي لم تكن وحدها التي سلّطت الضوء على هذه العلاقة المتوترة، إذ جاء تدخل الوالي يونس التازي في نفس الجلسة ليضيف بُعدًا جديدًا، بعدما كشف عن اختلالات جسيمة داخل الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، مؤكدًا أن بعض المشاريع نُفذت دون أن تُدرج ضمن الاتفاقيات المصادق عليها.
الغريب أن هذه الخروقات، التي وصفها الوالي بـ”الخطيرة”، لم تحظَ بتغطية إعلامية مسبقة، ما يعيد طرح سؤال الاستقلالية الصحفية، ودور الدعم المالي في توجيه المحتوى الإخباري أو كتمه.
التوقيت الذي اختاره المحرشي لإطلاق هجومه ليس عابراً. فالصفقة الإعلامية الحالية، شارفت على الانتهاء، ما يجعل احتمال عدم تجديدها بنفس الشروط مطروحاً بقوة، لا سيما في سنة سياسية حساسة تسبق الانتخابات التشريعية.
ويبدو أن المحرشي، الذي لا يخفي خلافاته السياسية مع مورو، أراد قطع الطريق أمام استغلال المال العام لتلميع صورة حزب سياسي على حساب آخرين داخل نفس مؤسسة التسيير، قائلاً بشكل غير مباشر: “من أراد تغطية إعلامية، فليدفع من ميزانية حزبه لا من خزينة الجهة”.
وبينمل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يُشارك في تدبير الجهة ضمن تحالف ثلاثي، لا يخفي امتعاضه من هيمنة الأحرار على مفاصل القرار، خاصة في ما يخص ملف التواصل والدعم الإعلامي.
أكدت مصادر مقربة من الحزب أن الضغوط الإعلامية الأخيرة التي طالت القيادي البامي عبداللطيف الغلبزوري، نائب رئيس الجهة، زادت من الشعور بعدم تكافؤ الفرص، في وقت تُتهم فيه وسائل الإعلام بـ”الانتقائية” في نقدها، تبعاً لمسار الدعم.
ورغم حدة لغته، يرى البعض في مداخلة المحرشي محاولة لتصحيح انحراف مؤسسي في العلاقة بين المجالس المنتخبة والصحافة، وإثارة نقاش حيوي حول حدود الشراكة، وشرعية استخدام المال العام في تقييد حرية التعبير، خاصة حين يتحول النقد إلى امتياز، ويصبح الصمت ثمناً للدعم.
لكن بالمقابل، لا يُستبعد أن يكون هذا التدخل محسوباً سياسياً، يندرج ضمن استراتيجية تموقع داخل المشهد الجهوي، استعداداً لإعادة ترتيب التزكيات والتحالفات قبل انتخابات 2026.
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر

