[ad_1]
في صباحات أيام الأسواق الأسبوعية بمختلف قرى المملكة المغربية، يتوافد العشرات من سكان الجماعات المجاورة على وكالات “بريد المغرب” في طوابير صامتة ومُترقبة.
المثير في الأمر، الكثير من المواطنين يغادرون خاليي الوفاض، بعدما يُبلَّغون بأن سقف السحب النقدي لن يتجاوز مبلغا معينا أو أن البرنامج معطل أو أحد الموظفين غير موجود أو عذر آخر.
وبالنسبة لعدد من الأسر، خاصة في المناطق القروية التي ترتبط قوت يومها بحركة البيع والشراء في السوق الأسبوعي، يُعتبر عدم التمكن من سحب مدخراتهم عائقا خانقا يقلب خططهم رأسا على عقب.
ما يحدث في باب تازة وبني أحمد بإقليم شفشاون ليس استثناء،حيث يشتكي آلاف الزبناء من “تدهور مزمن” في خدمات الوكالات المحلية التابعة لـ”بريد بنك”.
فالشبابيك الأوتوماتيكية الوحيدة المتوفرة لا يستوعب الضغط المتزايد للزبناء، ويتحوّل إلى نقطة اكتظاظ يومية، تضطر معها الأسر، والموظفون، والمتقاعدون إلى الانتظار ساعات من أجل عملية سحب بسيطة.
قطاع بنكي.. في مرمى الانتقادات
الاحتقان الشعبي لا يقتصر على بريد المغرب وحده؛ فخدمات عدد من البنوك الأخرى في البلاد أصبحت موضع سخط واسع. زبناء تحدثوا لوسائل إعلام محلية وصفوا التجربة البنكية بأنها “مبنية على تحصيل الأموال والرسوم أكثر من خدمة المواطن”.
أبرز الشكاوى تتعلق بـ:
-
اقتطاعات “غير مفهومة” من الحسابات البنكية
-
شبابيك أوتوماتيكية معطّلة بدون سابق إنذار
-
حالات ابتلاع البطائق البنكية دون مبرر — وغالباً ما يحدث ذلك في عطلة نهاية الأسبوع، مما يضاعف الأزمة
“أن تقف أمام جهاز صرف آلي في مدينة كبيرة أو صغيرة، وتواجه رسالة: نعتذر.. الشباك غير جاهز للاستعمال بات مشهدا يوميا في المغرب”، يقول أحد المتضرّرين.
شراكة توقّعت إصلاحا… فانتهت إلى أزمة أبواب مغلقة
وفي سنة 2022، وقّعت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (NARSA) اتفاقية مع “بريد بنك” و”بريد كاش”، بهدف تقريب خدمات رخص السياقة وبطاقات رمادية من المواطنين، الهدف كان تسهيل حياة السائقين وتسريع المعاملات، لكن بعد ثلاث سنوات، تحوّلت الشكاوى إلى كرة ثلج.
وبحسب متضررين، ارتفعت آجال معالجة الملفات في بعض المدن والقرى إلى 3 أشهر رغم إيداع جميع الوثائق المطلوبة. مواطنون أفادوا أن توسيع المهام الملقاة على وكالات “بريد بنك” — دون تعزيز الموارد البشرية واللوجستية — جعل الوكالات “غير قادرة على التنفس”.
ويقول موظف سابق في القطاع البنكي فضّل عدم ذكر اسمه: “المشكل ليس في الشراكات، بل في غياب رؤية للتأهيل، بريد بنك تحوّل إلى نقطة تجمع لخدمات متراكمة دون استثمار موازٍ في البنية التحتية والموارد البشرية. النتيجة هي اختناق كامل ينعكس على المواطنين.”
القرى.. الحلقة الأضعف
الأزمة تبدو أكثر حدّة في المناطق القروية، حيث لا بدائل متاحة، في باب تازة أو بني أحمد، غياب السيولة يعني الاضطرار إلى قطع كيلومترات نحو مراكز حضرية أو أسواق أخرى، فقط من أجل سحب مبلغ مالي من حق المواطن الحصول عليه فورا.
ويعلّق فلاح ستيني من المنطقة: “عندي فلوسي فالبريد، ولكن فالأسبوع اللي محتاجهم فيه باش نشري من السوق، كيقولولي ما كاينش الكاش. كيفاش نبني حياتي على مؤسسة ما كتضمنش حقي فالفلوس ديالي؟”
لماذا تستمر الأزمة في 2025؟
وفق تحليل خبراء في الاقتصاد البنكي، هناك أربعة أسباب رئيسية لاستمرار هذا الفشل في الخدمة:
| التحدي | تأثيره |
|---|---|
| ضعف الاستثمار في مكننة الفروع وتوسيع الشبابيك | ضغط متزايد على شبكة متقادمة |
| تعدد الخدمات المسندة لبريد بنك دون رفع الطاقة الاستيعابية | بطء شديد في معالجة الملفات |
| نقص في الموارد البشرية المدربة خصوصًا في المناطق القروية | اكتظاظ وتوتر بين الموظفين والزبناء |
| غياب مراقبة صارمة لجودة الخدمات | استمرار الأعطاب دون محاسبة واضحة |
ومع استمرار الشكاوى وتوسع رقعة السخط الشعبي، يبرز سؤال جوهري: هل يحتاج المغرب إلى إعادة هيكلة شاملة لنموذج “بريد بنك” بدل ترقيعات ظرفية؟
كما يطالب مواطنون بتدخل البرلمان والمجلس الأعلى للحسابات لإجراء افتحاص شامل لأداء هذه المؤسسة، خاصة بعد توسع مهامها الحيوية التي تمس الحياة اليومية لملايين المغاربة.
وبعد سنوات من الوعود الرسمية، ورغم التحول الرقمي الذي تعلن عنه الحكومة، يجد مئات الآلاف من المواطنين أنفسهم في مواجهة خدمات مالية “عالقة في الزمن”، وهو واقعٌ يجعل مفهوم الشمول المالي، الذي يفترض أن يدمج المواطن في الدورة الاقتصادية، يتحوّل في حالات كثيرة إلى مصدر معاناة، خصوصًا للفئات الأكثر هشاشة.
وفي 2025، ما يزال جزء كبير من المغاربة يواجه سؤالا بسيطا ومعقّدا في الوقت نفسه؛ فكيف يمكن لوكالة يفترض أن تكون العمود الفقري للخدمات المالية بالمغرب، أن تعجز عن تقديم أبسط حق مالي لمواطنيها؟
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر

