[ad_1]
من يظن أن الفياضانات التي تهدد جهة الشمال هي مياه الأمطار التي تغرق الشوارع كل شتاء، فهو لم يتابع ما وقع بعد سقوط عمر العباس في انتخابات رئاسة عصبة الشمال لكرة القدم، الحقيقة أن الفياضان هذه المرة كان من نوع آخر: فياضان دموع بعض المحسوبين على العباس، الذين لم يهضموا الهزيمة، ولم يستوعبوا أن اللعبة الديمقراطية تحسمها الصناديق لا العواطف.
في الجمع العام الأخير، اختارت الأندية التي يهمها الأمر أن تحسم لصالح عبد اللطيف العافية، الرجل دخل السباق، واحترم قواعده، وجمع ما يكفي من الثقة والتأييد ليخرج فائزاً بشكل مريح. بالمقابل، العباس خرج بهزيمة ثقيلة، والرسالة كانت واضحة: انتهت اللعبة، والنتيجة بينة.
لكن بعض التابعين له لم يستسيغوا الأمر، بدل أن يعترفوا بالهزيمة بشهامة، قرروا أن يغرقوا الوسط الرياضي في بحر من الدموع والاتهامات والكلام الفارغ، وكأنهم لم يفهموا أن “التنافس الشريف” هو الأصل، وأن البكاء بعد صافرة الحكم لا يغيّر النتيجة.
المشهد يذكّر تماماً بما يقع في أحياء الطفولة: طفل يلعب بالكرة، ثم يخسرها لصالح زميله الأقوى أو الأذكى، فيبدأ بالصراخ والبكاء ويطالب بإرجاع الكرة، لأنه لا يعرف قواعد اللعبة، الفرق الوحيد هنا أن من يبكون اليوم ليسوا أطفالاً في الحي، بل أشخاص يفترض أنهم رجال كبار.
لكن التربية الحقيقية تقتضي أن تُحتفظ بالكرة عند الفائز، وأن يُترك الخاسر يذرف دموعه حتى يتعلم أن الرياضة مثل الحياة: يوم لك ويوم عليك، البكاء لا يُرجع الكرة، والصراخ لا يُغيّر النتيجة، والمسرحيات التي تُحبك في الكواليس لا تصنع رئيساً شرعياً.
المفارقة أن هؤلاء الذين يغرقون في دموعهم يظنون أن الرأي العام الرياضي سيتعاطف معهم، بينما الحقيقة أنهم يثيرون السخرية.
الجهة اليوم تحتاج إلى عقل بارد، وإلى قيادة قادرة على البناء والإصلاح، لا إلى جوقة من “الأطفال الكبار” الذين لا يعرفون سوى العويل كلما خسروا جولة.
عبد اللطيف العافية أمامه مهمة صعبة بلا شك، لكنه على الأقل انطلق من شرعية انتخابية صافية، بينما خصومه اختاروا أن يسجلوا أسماءهم في خانة “الأطفال الذين لا يتعلمون”.
فياضانات الأمطار يمكن تصريفها بقنوات الصرف الصحي، لكن فياضانات الدموع التي يسكبها بعض المحسوبين على العباس تحتاج إلى تربية جديدة قبل أي شيء آخر، التربية على احترام النتائج والصناديق، التربية على قبول قواعد اللعبة، والتربية على أن من يخسر لا يحق له أن يعطل مسار الكرة فقط لأنه لم تعجبه النتيجة.
أما الكرة فقد حُسم أمرها: هي الآن في أقدام الفائز، ومن لا يعجبه الأمر فليتعلم اللعب من جديد بدل البكاء في المدرجات.
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر

