[ad_1]
بعد الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية بطنجة والقاضي بعزل نائب رئيس جماعة الساحل مصطفى المراري وعضو المجلس رشيد بنجاعة، بسبب ما اعتُبر “ترحالاً سياسياً غير مشروع”، تُطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بدوره قد يتحرك باتجاه عزل أحد أبرز مستشاريه بجماعة طنجة، الدكتور محمد حسون، الذي أثارت مواقفه الأخيرة جدلاً واسعًا داخل الأوساط الحزبية والسياسية.
فمنذ انتخابات 2021، التحق محمد حسون بلائحة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليُنتخب مستشارًا بمجلس جماعة طنجة ورئيسًا للجنة التعمير. غير أن المراقبين يرون أن حسون ظلّ منذ البداية محتفظًا بمسافة ملحوظة عن الحزب، وتجنب أي تموقع داخله. وقد تجلى هذا الحياد الرمادي في حضوره الباهت في أنشطة الحزب، وغيابه شبه الدائم عن لقاءاته الإقليمية والمحلية، بل حتى عن مبادرات الفريق داخل المجلس.
المثير أكثر، هو تصاعد الإشارات التي تفيد بتقارب غير معلن بين حسون وحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي سبق أن “تخلى” عنه قبل أن يجد ضالته داخل لائحة حزب الوردة. ورغم التخلي عنه من حزب الحمامة قُبيل الانتخابات الماضية بسبب خلافات تنظيمية محلية، بعد تقديم الحسين بن الطيب وكيلاً للائحة الحزب بمقاطعة السواني، وتزكية عضام الغاشي وصيفاً له، إلا أن حسون، الذي لم يهضم آنذاك إبعاده من التزكية، لم يتأخر في التحاقه بحزب الاتحاد الاشتراكي.
المفارقة أنه، وبعد أن اتهم الحزب بالتهميش، وعاش معه تجربة انتخابية لم تخلُ من التوتر، عاد اليوم إلى الاصطفاف بشكل غير معلن خلف نفس القيادات التي كان يعتبرها سببًا في خروجه، وعلى رأسها عمر مورو، الذي يبالغ في مدحه حسب مراقبون، في سلوك لا يُفسَّر إلا بكونه رهانا على التقرب من دوائر النفوذ.
وقد تم رصد مشاركاته المباشرة وغير المباشرة في أنشطة قريبة من الحمامة، إضافة إلى دعمه الصريح لنهج المنسق الإقليمي للتجمع، عمر مورو، والدفاع المستميت عنه، وهو ما يراه البعض تحوّلاً ضمنيًا في الولاء السياسي.
التحولات التي أظهرها محمد حسون لم تقتصر على المواقف الغامضة أو الغياب عن أنشطة الاتحاد، بل بلغت مستوى التصريح العلني والمدح المباشر لحزب سياسي منافس، وهو ما تجلّى في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية، جاء فيها:
“أنا لا أرى من موقعي ومعرفتي التامة بما يدور داخل أروقة حزب التجمع بالشمال وبالخصوص بطنجة أصيلة أية تصدعات ولا انشقاقات ولا لوبيات ولا أجنحة ولا هم يحزنون. حزب التجمع خاض الاستحقاقات السابقة بكل قوة وعقلانية ونظام وصفوف مرصوصة. هو الآن يسير الجهة ويشارك في تسيير الجماعة والمقاطعات. يشتغل بمنهجية مؤسساتية واضحة، عمل مستمر ومنظم يثير حسد وغيرة وحقد الآخرين. منسق الحزب الإقليمي السيد مورو أعطى مثالا واضحا وجليا وقاطعا للسياسي الرزين النظيف الغيور على مدينته وحزبه…”
هذا التصريح لا يحمل فقط إشادة، بل يكاد يُعدّ بلاغاً دعائياً في دعم حزب الأحرار ومنسقه الإقليمي، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام حسون بخطه الحزبي داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وقد يرى البعض أن هذه التدوينة، إذا ما أُرفقت بملف قانوني، يمكن أن تُدرج ضمن “الأفعال المنافية لتوجهات الحزب” التي تحدثت عنها محكمة النقض في قرارات سابقة، والتي لا تقلّ من حيث التأثير عن تقديم استقالة رسمية.
المادة 20 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية تنص على إمكانية تجريد المنتخب من عضويته في المجلس إذا تخلى عن الانتماء السياسي الذي ترشح باسمه، أو التحق بحزب آخر. وقد فسّرت المحكمة الإدارية وقرارات محكمة النقض “التخلي” بأنه لا يشترط تقديم استقالة مكتوبة، بل يمكن إثباته عبر السلوك والممارسات العلنية المناقضة لمرجعية الحزب.
فهل تُعدّ تدوينة حسون وتغييبه المتكرر عن أنشطة الاتحاد، وانخراطه في خطاب سياسي داعم لخصوم الحزب، دليلاً كافيًا لإثبات التخلي؟ وهل يمتلك الاتحاد الاشتراكي الشجاعة السياسية لسلوك المسطرة القضائية ضد أحد أعضائه ، كما فعل حزب الأصالة والمعاصرة مع من خالفه في جماعة الساحل؟
الجواب ليس بهذه السهولة. فـالاتحاد الاشتراكي، ورغم تاريخه الطويل في الدفاع عن الانضباط الحزبي، يواجه اليوم تحديات تنظيمية داخلية، ويحرص على الحفاظ على تماسكه في ظل ظرفية سياسية دقيقة. لكن في المقابل، فإن التراخي في التعامل مع حالات “التمرد الناعم” قد يفتح الباب أمام نزيف تنظيمي يصعب تداركه لاحقًا، ويبعث رسالة سلبية إلى باقي المنتخبين الذين يلوّحون بورقة الولاء المزدوج.
إذا كانت تجربة “البام” قد أظهرت أن الالتزام الحزبي ليس شعارًا بل مسؤولية قانونية، فإن الاتحاد الاشتراكي أمام اختبار حقيقي:
إما أن يُفعّل أدواته القانونية في مواجهة ما يُعتبر خرقًا سياسيًا صارخًا، أو أن يختار الصمت بما له من تبعات، ويفتح الباب لمزيد من الانفلات التنظيمي.
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر


