[ad_1]
استيقظت بلدة غفساي بإقليم تاونات، الخميس المنصرم 17 يوليوز 2025، على وقع كارثة مدوية هزت أركان مشروع تقنين القنب الهندي بالمنطقة، لتكشف عن عيوب خطيرة وتضع مستقبل مئات الفلاحين على المحك.
ففي حي الزريقة بغفساي، التهم حريق هائل مستودعا لتخزين القنب الهندي المقنن، تاركا خلفه رمادا وخسائر مادية جسيمة، ومثيرا تساؤلات حارقة حول مدى جدية وجاهزية هذا المشروع التنموي الطموح.
تفاصيل الكارثة.. تماس كهربائي في “بناية بلاستيكية قديمة”
تشير المعطيات الأولية إلى أن الحريق نجم عن تماس كهربائي داخل وحدة التخزين، لكن الصادم هو الكشف عن أن هذه الوحدة لم تكن سوى “بناية بلاستيكية قديمة جرى تحويلها بشكل غير مؤهل” لتخزين محصول حساس كالقنب الهندي.
وغياب معايير السلامة الواضحة والإشراف التقني من الجهات المختصة يثير قلقا بالغا حول كيفية حصول مثل هذه المنشآت على ترخيص في المقام الأول.
وقد التهمت ألسنة اللهب المحصول المخزن بالكامل، والذي يقدر أنه ناتج عن مجهود مئات الفلاحين المنخرطين في التعاونيات المتعاملة مع هذه الوحدة.
ورغم عدم تسجيل إصابات بشرية، فإن الخسائر المادية فادحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية على هذه الأسر ستكون وخيمة.
تأخر الاستجابة وغياب التأمين يفاقمان المأساة
لم تتوقف الصدمة عند اكتشاف هشاشة المستودع، بل امتدت لتشمل جوانب أخرى كشفت عن إهمال مؤسسي.
فقد أدى تأخر تدخل الوقاية المدنية إلى ضياع المحصول بالكامل، وهو تأخر يستدعي تحقيقا جادا في أسبابه، الأدهى من ذلك، أن الوحدة المحترقة لا تتوفر على أي تأمين ضد الحوادث، مما يعني أن الفلاحين هم من سيتحملون عبء الخسارة بشكل كامل.
وما يزيد الطين بلة هو الكشف عن أن هؤلاء الفلاحين، الذين سلموا محصولهم قبل حوالي 10 أشهر، لم يتوصلوا بعد بأي مستحقات مالية.
وهذا التأخير المزمن في صرف التعويضات يلقي بظلال كثيفة من الشك على الالتزامات المالية تجاه الفلاحين، ويقوض الثقة في مشروع كان من المفترض أن يوفر لهم الأمان والاستقرار بعد سنوات من العمل في السوق السوداء.
اتهامات بـ”التدبير المتعمد” وشكوك حول الشفافية
وفي ظل الصمت الرسمي المطبق، بدأت تفسيرات مثيرة تنتشر بقوة في الأوساط الفلاحية والشعبية، حيث تروج روايات غير مؤكدة لكنها تلقى صدى واسعا، مفادها أن الحريق “مدبر” ويأتي في إطار مخطط للتخلص من المحصول بعد استخلاص مادة الحشيش منه، وإتلاف البقايا عمدا، ثم التعلل بالخسارة والتصريح بالإفلاس للتهرب من أداء مستحقات الفلاحين.
وهذه الاتهامات، وإن كانت غير مدعومة بأدلة رسمية حتى الآن، تعكس حالة من انعدام الثقة والغضب الشعبي المتزايد تجاه القائمين على المشروع.
أسئلة قانونية واقتصادية واجتماعية بلا إجابات
تفرض فاجعة غفساي طرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية التي تتطلب إجابات واضحة ومباشرة، فعلى المستوى القانوني؛ ما هي طبيعة العلاقة بين التعاونيات، والوحدة التخزينية، والفلاحين؟ وأين تتجلى مسؤولية الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (ANRAC)؟ وهل كانت هناك مراقبة دورية للوحدات؟ وهل تم تقييم مدى احترامها لدفاتر التحملات وشروط السلامة؟ ولماذا لزمت التعاونيات، التي يفترض أن تمثل الفلاحين، الصمت بعد هذه الكارثة؟
وعلى المستوى الاقتصادي، تمثل الواقعة ضربة موجعة لمشروع تقنين القنب الهندي، خاصة وأنها تأتي في وقت حرج حيث لا تزال الثقة بين الفلاحين والفاعلين في سلسلة الإنتاج هشة جدا، فالضرر لا يقف فقط عند حدود الخسارة المادية، بل يمتد ليهدد استقرار الأسر المعتمدة على هذا النشاط، ويغذي حالة الإحباط والارتباك وسط فئات واسعة من السكان.
وعلى المستوى الاجتماعي، فإلى متى سيظل الفلاح هو الحلقة الأضعف في كل هذه المنظومة؟ فبعد سنوات من المطاردة في السوق السوداء، وجد نفسه أمام مشروع قانوني، لكنه غارق في الغموض، البيروقراطية، والغياب الواضح للضمانات.
دعوة للنقاش الوطني وتحمل المسؤولية
سواء أثبتت حادثة غفساي أنها عرضية أو نتيجة تقصير أو تدبير متعمد، فإنها تفرض فتح نقاش وطني صريح حول واقع تقنين الكيف في المغرب، وهل نحن فعلا أمام مشروع يراعي مصالح الفلاحين ويحميهم، أم أنه انزلق ليصبح استثمارا غير محكوم بالعدالة والشفافية؟ وما موقع الدولة في حماية مصالح هؤلاء الذين راهنوا على القانون، فوجدوا أنفسهم وسط الرماد؟
إن مصداقية مشروع التقنين برمته على المحك، والمطلوب الآن ليس فقط تحقيقا شاملا وشفافا للكشف عن ملابسات الحريق، بل أيضا اتخاذ إجراءات فورية لتعويض الفلاحين المتضررين، وضمانات صارمة لعدم تكرار مثل هذه الكوارث، وإعادة بناء جسور الثقة المنهارة مع هذه الفئة التي وضعت آمالها في مستقبل أفضل.
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر

