[ad_1]
في خضم عودة الدينامية الثقافية والجمعوية لمدينة طنجة خلال صيف 2025، عاد إلى الواجهة سؤال مؤرق طالما طُرح دون أن يجد جوابًا حاسمًا: هل يجوز لمنتخب مسؤول عن توزيع الدعم العمومي أن يرأس في الآن ذاته جمعية نشيطة تستفيد – ولو بشكل غير مباشر – من هذا الدعم؟
هذا التساؤل يتجدد اليوم مع حالة عبد الواحد بولعيش، المستشار الجماعي ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية والعلاقة مع المجتمع المدني بجماعة طنجة، ونائب رئيس مقاطعة طنجة المدينة، وفي نفس الوقت رئيس مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي، وهي واحدة من أنشط الجمعيات على مستوى المدينة.
وتُنظم هذه المؤسسة، ما بين 28 و31 يوليوز الجاري، الدورة الرابعة من مهرجان “صيف طنجة الكبرى الدولي” بفضاء باب الديوانة بميناء طنجة المدينة، احتفاءً بعيد العرش والمسيرة الخضراء. مهرجان متكامل يجمع بين كرنفال تربوي، وأكاديمية صيفية، وسهرات فنية، بشراكات متعددة مع مؤسسات عمومية وخاصة. حضور شعار مقاطعة طنجة المدينة في مواد التظاهرة ليس تفصيلًا صغيرًا، بل يؤشر على تداخل يصعب تجاهله بين الصفة التمثيلية والصفة الجمعوية.
وفي مارس 2024، كانت جماعة طنجة قد أصدرت بلاغًا تُنكر فيه تقديم أي دعم مالي مباشر للمؤسسة في إطار “رمضانيات طنجة الكبرى”، مؤكدة أن المساهمة اقتصرت على دعم لوجستي وبشري. يومها، بدا البلاغ محاولة لاحتواء الجدل أكثر من كونه توضيحًا شافيًا. واليوم، تتكرر الإشكالية نفسها، لكن بشكل أوضح: نائب رئيس مقاطعة يترأس مؤسسة مدنية شريكة في نشاط تدعمه المقاطعة التي يُفترض أن يكون فيها حاميًا للشفافية لا طرفًا في المعادلة.
وحيث أن القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية واضح في مادته 65، حيث يمنع ربط المصالح الخاصة مع الجماعة أو استغلال الصفة التمثيلية لتحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة. كما تُلزم المادة 66 المنتخبين بعدم التداول أو التصويت في ملفات لهم فيها مصلحة. لكن الإشكال ليس في النص القانوني، بل في غياب التفعيل والمحاسبة.
وفي هذا السياق، أصدر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت دورية رسمية (رقم 1854D) موجهة إلى الولاة والعمال، تُشدد على منع كل عضو منتخب في مجلس جماعة ترابية من ربط مصالح خاصة مع الجماعة أو هيئاتها، بما في ذلك عقود الشراكة أو تمويل مشاريع جمعيات يكون عضوا فيها، أو أي نشاط يؤدي إلى حالة تنازع المصالح، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لصالحه أو لصالح أحد أقاربه.
الدورية جاءت تطبيقًا لقواعد الحكامة الجيدة وتجسيدًا لمبادئ الشفافية والمساءلة، وأكدت أنه في حالة ثبوت هذا التعارض، يتم تفعيل الإجراءات القانونية التي قد تصل إلى عزل المنتخب المعني. هذا التنبيه الصريح من وزارة الداخلية يُعيد إلى الواجهة أهمية مراقبة علاقات المنتخبين بجمعياتهم أو شركاتهم، ويطرح مجددًا مسؤولية سلطات الرقابة الترابية في تفعيل هذه التوجيهات، حمايةً للمال العام وتكافؤ الفرص.
في ظل غياب آليات عملية لتتبع تصريح المنتخبين بمصالحهم أو مراقبة تعارض المواقع، تبقى المسألة رهينة بضمير المنتخب و”أخلاقيات العمل السياسي”، التي لا يُحاسَب عليها أحد. من المفارقة أن نلاحظ نشاطًا جمعويًا مكثفًا لجمعية يترأسها منتخب، بينما تغيب الأنشطة المُماثلة من طرف المجالس التي يُمثلها. ولماذا يُترشَّح المنتخب للمناصب الانتخابية إن كانت الغاية النهائية هي الجمعيات بعينها؟
فهل تتوفر المجالس المنتخبة على آليات رقابية فعلية لضمان الحياد في توزيع الدعم؟ أم أن الجمعيات القريبة من المنتخبين الأقوياء تظل المستفيدة الأولى من كعكة التمويل العمومي، ولو عبر دعم غير مباشر؟
الإجابة حتى الآن ما تزال معلقة، لكن الجدل يستحق أن يُطرح بجرأة، كما يستحق أن يُفتح أمام سلطات الرقابة الإدارية ، وفي مقدمتها والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، السيد يونس التازي، باعتباره الجهة المشرفة على حسن تطبيق القانون واحترام مبادئ الحكامة المحلية.
[ad_2]
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر

